الثلاثاء، 19 أكتوبر 2010

خصائص الفن المعماري الإسلامي ( 1 )

منذ أن وجد الإنسان كان الفن تشهد روائعه الذي زين فيه الإنسان؛ ومنذ آلاف السنين التي كانت مقره ومسكنه تشهد هذه الزينة على مهارة وواقعية، تؤكد أن الفن وسيلة اتصال سبقت اللغة والآداب في حياة الإنسان ، ولكن العمارة بذاتها، لم تلبث أن أصبحت بمظهرها الخارجي وكتلتها وأقسامها، شيئاً فنياً مجسماً، يحتاج إلى عمل إبداعي، كما يحتاج إلى فكر هندسي، ومع ذلك استمرت العمارة المجال الذي يستوعب جميع أنماط الفن التشكيلي، من تصوير أو نحت. وتجلى ذلك بقوة في العمارة الإسلامية، وشاهدنا ذلك في القصور الأُموية التي تميزت بالنحت الملون أو غير الملون، وبالرسوم الفسيفسائية والتلوينية ، إن إنشاء العمارة هو عمل إبداعي يتطلب مجتمعاً ومُناخاً حرّاً ولقد استطاعت التبعية التي عانتها الشعوب العربية الإسلامية، أن تقمع الإبداع الفني، وأن تفتح الأبواب مشرعة أمام التأثيرات الغربية ، وهكذا ظهر الأسلوب الكولونيالي الاستعماري في عمارات القاهرة والإسكندرية والجزائر والرباط والدار البيضاء وحلب وبيروت .
- وإذا كان للفن التصويري أن ينفصل عن العمارة؛ لكي يستقر على الأشياء المنقولة، مثل المخطوطات والأواني وتوابع العمارة والأثاث، فإن أساليبه لم تتغير كثيراً، فهي إما أن تكون تشبيهية واقعية، أو تكون زخرفية مجردة، ولقد تنوعت بتنوع الطرائق والاجتهادات حتى اليوم.
على أن العمارة، وقد اعتمدت لغة أخرى غير مفردات لغة الخط واللون، وهي لغة الكتلة والفراغ، قدمت لنا هُوية مستقلة متميزة لم تختلط بهُوية فنون العمارة الأخرى التي عاصرت فن العمارة الإسلامية.
- فإذا كان الفن التشكيلي، الرسم والنحت سريع الاندماج بتيارات وشخصيات الفنون الأخرى؛ أخذ منها وانطبع بطابَعها من حيث لا يدري، كما تم في انحراف فن المنمنمات باتجاه الفن الأوربي، فإن انحراف فن العمارة مهما كان ضئيلاً، يفقد أصالته وشخصيته أو يعرضه إلى الانضواء الكامل لسيطرة الأساليب المعمارية الغربية، التي قد تكون أسهل تنفيذاً وأصلح استعمالاً، وأقرب إلى مفهوم الحداثة والزي ، ولكنها تبقى مقطوعة الجذور عن نسغها الحضاري الأصلي ، وفي العصور التي تعرضت فيها المِنْطقةُ العربية ـ على سبيل المثال ـ إلى التَّبَعيةِ السياسية والاجتماعية، يبدو ذوبان الشخصية الحضارية أكثر وضوحاً في زوال الطابع المعماري الأصيل .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Enter your email address:

Delivered by FeedBurner