العمارة والزخرفة :
- تبقى الزخرفة من أهم خصائص الفن المعماري الإسلامي. صحيح أن مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو أول منشأة معمارية إسلامية، كان في بدايته شديد البساطة والتقشف، فهو مجرد سقيفة من سعف النخيل تقوم على جذوع النخيل، ولم يكن البناء مزيناً بأي عنصر زخرفي، إلا أن إعادة بناء المسجد بأمر الوليد بن عبد الملك، وفي عهد والي المدينة عمر بن عبد العزيز، قد تم وفق أسس معمارية جديدة حافلة بالزخارف والفسيفساء، على غرار مسجد دمشق. ولقد وصف هذا المسجد العالم الفرنسي (سوفاجيه) ورسم زخارفه في كتابه عن هذا المسجد .
- يقوم فن العمارة الإسلامية على تكوين التصميم حسب تقاليد الهندسة المعمارية الإسلامية، وتبعاً للشروط الوظيفية، كما يقوم على ابتكار الزخارف النباتية والهندسية والخطية الجميلة. ولقد سارت الزخارف قدماً حتى طغت على التصميم، ونرى مراحل ذلك واضحة في جامع قرطبة سواء"بالقسم الذي أنشأه أولاً عبد الرحمن الداخل على غرار المسجد الأقصى في القدس والمسجد الأموي بدمشق. ثم أضيفت لهذا المسجد إضافات غيرت شكله وأغنته، ففي عام (848م) قام عبد الرحمن الثاني بإنشاء زيادة باتجاه العمق بمقدار ست وعشرين متراً. ثم تابع الحكم الثاني بن عبد الرحمن الناصر سنة (965م) إنشاء زيادة في الجنوب استمراراً للزيادة الأولى؛ وعلى امتداد جامع عبد الرحمن الداخل. ومن خلال هذا التسلسل التاريخي والمعماري يتوضح لنا تدرج طغيان الزخارف حتى بدا المحراب في قسم الحكم من أروع المحاريب الإسلامية زخرفة وفخامة، وكانت قباب هذا القسم مفخرة الزخرفة الإسلامية. ثم يضيف الحاجب المنصور الإضافة الثالثة سنة (992م) على امتداد الجامع من جهة الشرق ، إن تطور زخارف التيجان والأقواس والقباب في أقسام جامع قرطبة يقدم لنا المثال الصريح على زيادة تدخل الزخرفة في تكوين فن العمارة الإسلامية.
- الزخارف التي تسمى الرقش العربي Arabesque هي من أبرز آيات الإبداع الفني الإسلامي، ولكن طغيانها على فن العمارة وبخاصة في قصور الحمراء في غر ناطة كان سبباً في حصر العمارة ذاتها في نطاق الزخرفة.
- تبقى الكتابات التي زينت سقوف وأفاريز العمارة الإسلامية من أهم عناصر الإبداع المعماري، بيد أن هذه الكتابات، على جمال الخطوط فيها، تبقى وثائق مفيدة في تاريخ العمارة الإسلامية. وأقدم الخطوط الجميلة التي زينت العمارة الإسلامية، هي الخطوط الموجودة حتى اليوم في أفاريز قبة الصخرة من الداخل، وهي تؤرخ بناء المسجد مع آيات قرآنية كتبت كلها بخط كوفي لين مرصوفة بأحجار الفسيفساء التي تزين هذه القبة. وتكاد لا تخلو عمارة إسلامية من كتابات نقشت على الحجر أو الخشب أو نفذت بالفسيفساء والخزف وموضوع أكثرها آيات قرآنية كريمة. والمتأخر منها يتضمن مآثرالمنشئ ودوره في إعمار البناء. وهذه الكتابات تحدد تطور الخط العربي منذ نشأته الأولى إلى ظهوره بالأسلوب الكوفي والأسلوب الثلث. وفي المساجد الفارسية المملوكية والعثمانية روائع الخط العربي التقليدي المبتكر بشكل شطرنجي أو تصويري .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق